لا يحبّ أن ننعته بـ «الناشر» يميل إلى وصفه بالكاتب أو الروائي، لكننا نضطر في العديد من المناسبات الثقافية إلى محاورته عن الكتاب والنشر وعن العلاقة المتوترة بين الأديب والمثقف وبين دور النشر، وعن مستقبل هذه الدور وعن مشروعه الحلم «طوى» الذي بدأ قوياً وكان له صدى كبيرا إلاّ أنه تراخى في السنتين الأخيرتين وبدأ يختفي شيئاً فشيئاً.. كلّ هذه الهموم نضعها على طاولة الحوار بين سؤالنا وجواب ضيفنا في «عكاظ» الكاتب والروائي «عادل حوشان» فإلى نصّ الحوار الذي لا يخلو من جرأة «مبتسرة» تنتظر أن تكون كتاباً وشهادة على الكتاب والكاتب يوماً ما:
• دعنا نبدأ من طوى، لماذا خفت صوتها في معارض الكتب بعد أن كانت وجهة أولى لكثير من الأدباء والمثقفين ؟
•• يصعب وصف الأسباب أو شرحها وتفسيرها لأن الأمر يتعلق بطوى، بدأنا كأول دار نشر مهاجرة بهوية سعودية وتبعنا البعض، كان رهاننا ثقافياً صرفاً، محاولة لتأسيس مشروع كنّا نأمل أن يكون ملهماً أو على الأقل طبيعياً. الأزمة التي جعلت الأمر يتغيّر أو على الأقل نفكّر بالتريّث بعد مرور 10 سنوات، أن الأمر برمته لا يستحق مع الأسف. الوضع العربي بشكل عام والمحلي بشكل خاص، على الأقل ما يتعلق بالكتاب والكتابة يعاني من أوهام كثيرة ومؤلمة ونهايتها ما يحدث الآن على مستوى النشر، وأعني بالضبط الكتب ومحتوياتها، ومن جهة أخرى الألعاب النارية التي تمارسها دور النشر. مقابل هذه الأوهام.
الكتاب تحول من مادة تقرأ إلى مادة للتصوير معها، أصبح منظراً غير طبيعي لخلفية صورة الكاتب ولا أعني هنا المثقف والمبدع والذي يستحق هذا المشهد.
• تحضر طوى في معرض الرياض للكتاب وتغيب عن معرض جدة.. لماذا ؟
•• الرياض منارة المعارض العربية هذه شهادة الجميع، في السنتين الأخيرتين تضاءلت الهوامش كثيراً، قلّ الإقبال، تحدّد رهان الناشرين وطريقة تعاملهم معه كمعرض يشهد أكبر إقبالا وأقوى قوة شرائية على المستوى العربي. وأجزم بأن القادم لن يكون أفضل من السنتين الأخيرتين لأسباب كثيرة. معرض جدة كان جميع الناشرين متفائلين فيه، لكنه لم يكن بحجم التوقعات، شاركت طوى في دورتها الأولى وهي تتوقع أن ينافس الرياض أو على الأقل أن يأتي في مرتبة متقدمة على المستوى العربي وجدة تستحق ذلك. لكن أسباباً عديدة جعلته يخالف كل التوقعات.
• الناشر العربي كما يقول بعض الكتاب يأخذ ولا يعطي.. ما صحة هذا الاتهام بصفتك ناشراً عربياً ؟
•• هو الناشر العربي فقط الذي يأخذ ولا يعطي ؟! لأقول لك ما لا يمكن أن يقوله غيري على الأقل علناً، الناشر العربي يعطي من يستحق.
• أكبر معاناة تقابل الأديب والمثقف السعودي صعوبة الطباعة والنشر.. برأيك لماذا ؟
•• وهي نفسها المعاناة الأكبر التي يواجهها الناشر العربي مع الكاتب ومع الكتّاب، الصعوبة في بعض أشكالها والتباهي في أقصى حدوده والأحلام في أسوأ حالاتها. العلاقة بين الناشر والمؤلف، إن صحّ الوصف، لا يمكن إصلاحها مطلقاً إلاّ ببرنامج عربي متكامل يتعلّق بالكتاب والنشر، ما يستحق وما لا يستحق، التسويق والإعلان والتوزيع، تغيير هذه الروح المشبوهة، كل شيء ضائع وكل شخص يدخل يستعرض قواه وقوّته، معركة رديئة السمعة من كل الأطراف وتفاصيلها معقدة وكثيرة وربما تتاح الفرصة قريباً للكشف عن أدق أدق تفاصيلها.
• ماذا عن مستقبل دور النشر العربية اليوم ؟
•• دور النشر ومستقبلها غامض حتى بالنسبة للناشرين. أذكر قبل 5 سنوات حين انتشرت ظاهرة الكتاب الإلكتروني، وبالطبع مأخوذة من الغرب بصفته متقدماً عشرات السنوات، بادرت بعض إدارات دور النشر بتسويق مشاريع للكتاب الإلكتروني وتوقفت. بعدها بادرت مشاريع لنشر الكتاب الصوتي بداية معطوبة. وحتماً الأمر سيتغيّر، وسيتغيّر للأفضل في حالة واحدة، إن كان هناك برنامج عربيّ كامل يصلح هذه الحالة.
• إذا كان الحلّ في هذا البرنامج، فما طبيعته ؟
•• البرنامج عليه أن يجمع كل الناشرين، عليهم تأسيس مشروع الكتاب العربي وميثاق الشرف العظيم. ووضع قانون موحد وسيقعون في مشكلة من سيشرف عليه ويتابع تطبيقه. مشروع النشر العربي يحتاج إلى إعادة ترتيب من الصفر. يمكن أن تتولاه شركة كبرى ملزمة بقوانين حماية للحقوق وللفكر وللإبداع. أعرف تماماً أن المبدع الحقيقي يركض ركضاً مهولاً ليصل إلى ما يريد لكن الأمر كله لا يساعده. وتمام الإيمان ينطبق على حال الناشرين في فوضاهم مع المؤسسات الرسمية ومع منافذ البيع، وأحياناً هذا العدو المحموم تجاه نشر أي شيء خاضع لـ «التخمين» بتحقيق مبيعات، وفي بعض دور النشر الأرقام هي التي تتحدث لا المحتوى ولا المضمون ولا مشروع الثقافة العربية والمبدع العربي، رغم وجود حالات نادرة جداً ولا تتجاوز الأصبعين أو الثلاثة. وصلنا إلى مرحلة مؤسفة بأسباب سوء الفهم والتعامل وتبادل الاتهامات والجرائم الثقافية، الناشر العربي في المعارض العربية يتحوّل إلى شحات.
• أعلنت في طوى عن مشروعات كثيرة ومبادرات، لكنّ شيئاً منها لم ير النور كـتأسيس جائزة دولية في الأدب، وإصدار مجلة ثقافية، وكتاب إلكتروني... لماذا لم تر هذه المشروعات والأفكار النور ؟
•• خفّ الحماس لديّ وتضاءلت طاقتي على الاستمرار. يتبقى لديّ مشروع الجائزة وهو ما أقاتل لكي يتمّ، وأحتاج إلى وقت طويل نسبياً ليتحقق ذلك بالصورة التي أحلم وأفكر بها.
• برأيك ما الذي كان مميزاً لطوى دون غيرها من دور النشر ؟
•• حرصت طوى على الكاتب الحقيقي وحلمت بدعم المؤلف الشاب، ونشرت الترجمات الروائية والشعرية التي كنا نقرأ عنها ولن نقرأها. هذا ما كنت وما زلت أعتقد أنه يميّزها.
• يوجه بعض الأدباء والمثقفين لك اللوم في ضعف المردود المادي من الكتب التي يدفعون مقابلاً مالياً لطباعتها، هل دار النشر مسؤولة عن البيع والشراء والتسويق للكاتب أم أنّ دورها ينتهي بطباعة الكتاب وعرضه ؟
•• وبعض الأدباء والمثقفين يوجهون لي الشكر على ما فعلت.
• بعد تجربة طويلة في الطباعة والنشر، ما أبرز المشكلات التي عانيت منها كناشر سعودي ؟
•• اعتقد من يقرأ الإجابات على الأسئلة السابقة سيجد إجابة مفصلة لهذا السؤال تحديداً.
• على المستوى الكتابي، ماذا لديك بعد مساء يصعد الدرج ؟.
•• أخذت الرواية وقتاً طويلاً لكتابتها، وهكذا فعلت بي البقيّة، انشغالي في طوى أخّرني كثيراً، وهذا ما لا سيحدث قريباً. ما يخيفني في الكِتابة هؤلاء القتلة بسكاكينهم الحادّة الذين يقفون على جثّتي، كلما كتبت جملة واحدة سمعت صوت الحدّاد يطرق معادنهم ليوقفني الخوف من أن أكون الشخص الوحيد الجالس أمام عبارة جبانة لا تستطيع مواجهة القفز إلى الهاوية.
• دعنا نبدأ من طوى، لماذا خفت صوتها في معارض الكتب بعد أن كانت وجهة أولى لكثير من الأدباء والمثقفين ؟
•• يصعب وصف الأسباب أو شرحها وتفسيرها لأن الأمر يتعلق بطوى، بدأنا كأول دار نشر مهاجرة بهوية سعودية وتبعنا البعض، كان رهاننا ثقافياً صرفاً، محاولة لتأسيس مشروع كنّا نأمل أن يكون ملهماً أو على الأقل طبيعياً. الأزمة التي جعلت الأمر يتغيّر أو على الأقل نفكّر بالتريّث بعد مرور 10 سنوات، أن الأمر برمته لا يستحق مع الأسف. الوضع العربي بشكل عام والمحلي بشكل خاص، على الأقل ما يتعلق بالكتاب والكتابة يعاني من أوهام كثيرة ومؤلمة ونهايتها ما يحدث الآن على مستوى النشر، وأعني بالضبط الكتب ومحتوياتها، ومن جهة أخرى الألعاب النارية التي تمارسها دور النشر. مقابل هذه الأوهام.
الكتاب تحول من مادة تقرأ إلى مادة للتصوير معها، أصبح منظراً غير طبيعي لخلفية صورة الكاتب ولا أعني هنا المثقف والمبدع والذي يستحق هذا المشهد.
• تحضر طوى في معرض الرياض للكتاب وتغيب عن معرض جدة.. لماذا ؟
•• الرياض منارة المعارض العربية هذه شهادة الجميع، في السنتين الأخيرتين تضاءلت الهوامش كثيراً، قلّ الإقبال، تحدّد رهان الناشرين وطريقة تعاملهم معه كمعرض يشهد أكبر إقبالا وأقوى قوة شرائية على المستوى العربي. وأجزم بأن القادم لن يكون أفضل من السنتين الأخيرتين لأسباب كثيرة. معرض جدة كان جميع الناشرين متفائلين فيه، لكنه لم يكن بحجم التوقعات، شاركت طوى في دورتها الأولى وهي تتوقع أن ينافس الرياض أو على الأقل أن يأتي في مرتبة متقدمة على المستوى العربي وجدة تستحق ذلك. لكن أسباباً عديدة جعلته يخالف كل التوقعات.
• الناشر العربي كما يقول بعض الكتاب يأخذ ولا يعطي.. ما صحة هذا الاتهام بصفتك ناشراً عربياً ؟
•• هو الناشر العربي فقط الذي يأخذ ولا يعطي ؟! لأقول لك ما لا يمكن أن يقوله غيري على الأقل علناً، الناشر العربي يعطي من يستحق.
• أكبر معاناة تقابل الأديب والمثقف السعودي صعوبة الطباعة والنشر.. برأيك لماذا ؟
•• وهي نفسها المعاناة الأكبر التي يواجهها الناشر العربي مع الكاتب ومع الكتّاب، الصعوبة في بعض أشكالها والتباهي في أقصى حدوده والأحلام في أسوأ حالاتها. العلاقة بين الناشر والمؤلف، إن صحّ الوصف، لا يمكن إصلاحها مطلقاً إلاّ ببرنامج عربي متكامل يتعلّق بالكتاب والنشر، ما يستحق وما لا يستحق، التسويق والإعلان والتوزيع، تغيير هذه الروح المشبوهة، كل شيء ضائع وكل شخص يدخل يستعرض قواه وقوّته، معركة رديئة السمعة من كل الأطراف وتفاصيلها معقدة وكثيرة وربما تتاح الفرصة قريباً للكشف عن أدق أدق تفاصيلها.
• ماذا عن مستقبل دور النشر العربية اليوم ؟
•• دور النشر ومستقبلها غامض حتى بالنسبة للناشرين. أذكر قبل 5 سنوات حين انتشرت ظاهرة الكتاب الإلكتروني، وبالطبع مأخوذة من الغرب بصفته متقدماً عشرات السنوات، بادرت بعض إدارات دور النشر بتسويق مشاريع للكتاب الإلكتروني وتوقفت. بعدها بادرت مشاريع لنشر الكتاب الصوتي بداية معطوبة. وحتماً الأمر سيتغيّر، وسيتغيّر للأفضل في حالة واحدة، إن كان هناك برنامج عربيّ كامل يصلح هذه الحالة.
• إذا كان الحلّ في هذا البرنامج، فما طبيعته ؟
•• البرنامج عليه أن يجمع كل الناشرين، عليهم تأسيس مشروع الكتاب العربي وميثاق الشرف العظيم. ووضع قانون موحد وسيقعون في مشكلة من سيشرف عليه ويتابع تطبيقه. مشروع النشر العربي يحتاج إلى إعادة ترتيب من الصفر. يمكن أن تتولاه شركة كبرى ملزمة بقوانين حماية للحقوق وللفكر وللإبداع. أعرف تماماً أن المبدع الحقيقي يركض ركضاً مهولاً ليصل إلى ما يريد لكن الأمر كله لا يساعده. وتمام الإيمان ينطبق على حال الناشرين في فوضاهم مع المؤسسات الرسمية ومع منافذ البيع، وأحياناً هذا العدو المحموم تجاه نشر أي شيء خاضع لـ «التخمين» بتحقيق مبيعات، وفي بعض دور النشر الأرقام هي التي تتحدث لا المحتوى ولا المضمون ولا مشروع الثقافة العربية والمبدع العربي، رغم وجود حالات نادرة جداً ولا تتجاوز الأصبعين أو الثلاثة. وصلنا إلى مرحلة مؤسفة بأسباب سوء الفهم والتعامل وتبادل الاتهامات والجرائم الثقافية، الناشر العربي في المعارض العربية يتحوّل إلى شحات.
• أعلنت في طوى عن مشروعات كثيرة ومبادرات، لكنّ شيئاً منها لم ير النور كـتأسيس جائزة دولية في الأدب، وإصدار مجلة ثقافية، وكتاب إلكتروني... لماذا لم تر هذه المشروعات والأفكار النور ؟
•• خفّ الحماس لديّ وتضاءلت طاقتي على الاستمرار. يتبقى لديّ مشروع الجائزة وهو ما أقاتل لكي يتمّ، وأحتاج إلى وقت طويل نسبياً ليتحقق ذلك بالصورة التي أحلم وأفكر بها.
• برأيك ما الذي كان مميزاً لطوى دون غيرها من دور النشر ؟
•• حرصت طوى على الكاتب الحقيقي وحلمت بدعم المؤلف الشاب، ونشرت الترجمات الروائية والشعرية التي كنا نقرأ عنها ولن نقرأها. هذا ما كنت وما زلت أعتقد أنه يميّزها.
• يوجه بعض الأدباء والمثقفين لك اللوم في ضعف المردود المادي من الكتب التي يدفعون مقابلاً مالياً لطباعتها، هل دار النشر مسؤولة عن البيع والشراء والتسويق للكاتب أم أنّ دورها ينتهي بطباعة الكتاب وعرضه ؟
•• وبعض الأدباء والمثقفين يوجهون لي الشكر على ما فعلت.
• بعد تجربة طويلة في الطباعة والنشر، ما أبرز المشكلات التي عانيت منها كناشر سعودي ؟
•• اعتقد من يقرأ الإجابات على الأسئلة السابقة سيجد إجابة مفصلة لهذا السؤال تحديداً.
• على المستوى الكتابي، ماذا لديك بعد مساء يصعد الدرج ؟.
•• أخذت الرواية وقتاً طويلاً لكتابتها، وهكذا فعلت بي البقيّة، انشغالي في طوى أخّرني كثيراً، وهذا ما لا سيحدث قريباً. ما يخيفني في الكِتابة هؤلاء القتلة بسكاكينهم الحادّة الذين يقفون على جثّتي، كلما كتبت جملة واحدة سمعت صوت الحدّاد يطرق معادنهم ليوقفني الخوف من أن أكون الشخص الوحيد الجالس أمام عبارة جبانة لا تستطيع مواجهة القفز إلى الهاوية.